حوار تمهيدي مع تامر وجيه حول معسكرات الإعلام الحر نوفمبر 2013

من ويكي أضِف
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الظواهر متداخلة ومتشابكة؛ فخطوات الإعلام المضاد للهيمنة والسلطة والثورة المضادة مرتبطة بخطوات الثورة. لكي نبدأ لا بد أن نموضع الإعلام "المضاد"، بشكل عضوي في اللحظة، ونستوعب ديناميكية الوضع، لكي نستطيع استيعاب مراحل صعود وهبوط هذا النوع من الإعلام، ونحاول زقه من حيث هو.


الإعلام المضاد نشأ بلا شك، على أساس وفي كنف أزمات عصر مبارك والتشققات التي طالت سلطته وهيمنته الكاملة. أخد مسارات بدأت، في ظل توازنات النظام القديم، داخل مؤسسات أنشأها رأسماليين مثل أحمد بهجت (برنامج منى الشاذلي العاشرة مساء في قناة دريم).. لا يجب أن ننسى أن ما نعتبره الآن، خطاب هزيل ومحافظ، كان لقية وقتها. ولما الحركة شدت حيلها، ظهر مسار آخر أكثر جذرية، هو المدونات وتوابعها.


في كمان مسار عضوي أكثر، هو تليفزيون الحارة، الذي ظهر في المجتمعات المغلقة والعشوائية. لم يكن هذا المسار مضادا بمعنى المحتوى ولكنة بالتأكيد مضاد بمعنى احتكار الصوت. فالأنظمة لا تكره فقط من يتبنى خطابا معارضا لها، ولكنها تكره أيضا من يردد خطابها ولكنه يردده عبر منبر مستقل عن مركزيتها.


الثورة ساعدت كل هذه البذور على الانطلاق السريع؛ فمن ناحية كرست للمصداقية التي كان قد اكتسبها الإعلام المعارض لدى جناح من الطبقة الوسطى المحافظة وجزء من الطبقات العليا، نتيجة للاحتقار العنيف لنظام مبارك والخدمة التي يقدمها الإعلام النظامي الذان كانا قد وصلا لدرجة من الصلف والبؤس تصعب تقبلهما.


ومن ناحية أخرى، دفعت الثورة في لحظات انتصارها، كثير من أعدائها، لمحاولة ربط أنفسهم بها بأي طريقة. أصابتهم بالقلق وجعلتهم في وضع دفاعي ، فتبنوا استراتيجية جوهرها، إيجاد مكان ما، داخل هذه الثورة، للمحافظة على مصالحهم المضادة لها. وعلشان الصورة تطلع حلوة، استدعوا الثوريين للصورة. وهكذا ملأ شباب الثورة الطاهر الشاشات. يعني باختصار اللي أغلب به ألعب به.. لم يتخلف عن هذا الركب غير المؤسسات النظامية الغارقة في العفن مثل الأهرام والقناة الأولى.


لا يجب أن ننظر لهذه الفترة، بنظرة طفولة يسارية محدودة، لا ترى فيها غير السلبيات، فبنظرة جدلية أعمق، سنرى أنها كانت منفذا وفرصة للتحريض الثوري من على منبر الأعداء. ولكن لا يجب أيضا أن نتوهم بتصورات طفولية أن تواجدنا على هذه المنابر غير علاقات القوة.


على مسار الثورة، فقد التيار الثوري، نتيجة لرجرجته وتفككه، تأثيره الجماهيري واستقلاليته السياسية والأيديولوجية. بالطبع كان تاريخ 30 يونيو محطة مفصليه، ولكن من وجهة نظري، أن هذا حدث قبل ذلك بكثير، وتحديدا من لحظة وصول الإخوان للحكم، وظهور جبهة الإنقاذ كرد فعل. الحركة الثورية خصت نفسها، بتبني رد الفعل هذا، فكريا وسياسيا، وبتبنيها خطاب الفلول المعادي للإخوان. وأصبحت كل التحالفات مقبولة طالما ضد الإخوان. لم تضع هذه الاختيارات الثوار في موقع التابع فقط ولكنها زادت ايضا من عزلتها عن الجماهير وهو ما أوصلنا للحالة الشوفينية التي نحياها.


لم تكن المشكلة التضييق، بل كانت الاختيارات السياسية، التي لم تدع للإعلام المعارض شيء ليقوله مختلف عن الآخرين في هذه اللحظة؛ فاهتزت 3/4 المهنية والقيم تحت وطأة الأحداث. الزعزعة كاتن جامدة؛ كان كل واحد بيسأل نفسه قبل ما يتكلم: "انا هخسر مين من صحابي؟" نتيجة لما أقول.

وبدل ما كان الإعلام المؤسسي، يستخدم ذريعة المهنية، لإنتاج مواد ضد النظام، أصبح رموز الإعلام المعارض يقبلون استضافة مرتضى منصور، ويقبل الثوار الظهور معهم، بذريعة المهنية. كان من الطبيعي عندما تجد مؤسسات الثورة المضادة نفسها في هذا الوضع، ان تعاود الهجوم بل والتوحش. وكما لفظ تحالف 30 يونيو البرادعي، أصبح من السهل على إعلام الثورة المضادة لفظ أمثال احمد دومة، غير لو سار في طريق الثورة المضادة لمنتهاة.


ونتيجة للوضع الدفاعي الذي وضعنا نفسنا فيه، فقدنا قدرتنا على صياغة سرد مستقل، وبقينا بنكسر في مواقف بعض ونعصر ونصغر مساحة الهجوم خوفا من النقد.. المنفذ الوحيد اللي كان قدام الواحد للتعبير عن موقفه - دون رقابة ذاتية - هو صفحتة على الفيسبوك، فقط لو كان يملك الجرءة.


بسبب طبيعة الثورة ارتبطت نقاط تجسيد الخطاب أو الإعلام المضاد بقوى وحركات غاية في الرجرجة وعدم التماسك، ولم تستند على حركات شعبية. شباب الثورة كان بديلا لدينا عن إعلام جيش الحرير وإعلام نقابة بولاندا..

الحل الوحيد هو محاولة الزق من هنا والآن؛ من حيث توجد الأمور. نبحث عن بذورالإعلام المضاد ونحاول مساعدتهم في استكمال مهمتهم وفي تحسين ما يقدمونه عن طريق تمكينهم من أدواتهم وتطوير مهاراتهم.. ونبذل مجهود في إيجاد مجموعات اكثر ثباتا، أكثر قدرة على قلب الموازين، مجموعات لها طابع تعاوني أو طلابي أو شعبي (تليفزيون الحارة) أو لجان عمالية أو شعبية.. ولكن على المدى الطويل، ليكن الهدف هو تسليح الأفكار، بناء مدرسة فكرية يبنى أثرها جيل ورى جيل وفي مكان ورى مكان.


  • أحد مشاكل خطاب هذه المجموعات، انها تميل تميل لتوجيه خطابها داخل مجتمعها.. من ضمن أهدافنا.. مساعدتها على توجيه خطابها للعالم كي تكسبه.


  • المشكلة الثانية أنها مهتمة جدا بالإعلام المؤسسي (مهتمة تطلع مع ريم ماجد أو تنشر عنها الشروق).. دورنا توجيهها لتشكيل خطاب يضغط على هذه الموسسات.. mainstreaming الخطاب بالمعنى الإيجابي للكلمة.


  • المشكلة التالتة إن الشباب أكثر محافظة عن المراهقين.. دورنا هو محاولة فكفكة هذه المحافظة.


  • مشكلة أخرى واردة الحدوث، هي تحويل الناشط المجتمعي لمحترف إعلام. يمكن إستهداف اكثر من شخص من نفس المجتمع يساعد في حل هذه المشكلة المتوقعة (واحد يصيب وواحد يخيب) ويمكن يساعد في الحل استهداف الأكثر ارتباطا بمجتمعهم لأسباب بنيوية وعضوية.. التعامل المباشر مع هذه المجتمعات سيفيد في إيجاد هؤلاء الأشخاص.