ورقة مفهوم حول معسكرات الإعلام الحر

من ويكي أضِف
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

تمهيد

تفرض الأنظمة والفئات المتآمرة معها سيطرتها على المجتمع من خلال سيطرتها على أجهزة الدولة (البيروقراطية الحكومية) و أدوات القمع (الجيش والشرطة) و من خلال قيادتها للعملية الاقتصادية. وتستخدم الإعلام - عبر منهجية و آلية محكمة - ليمكّنها من انتاج رأي عام متوافق مع توجهاتها.


فإذا اعتبرنا أن "الإعلام الحر" هو كل محاولة لمقاومة هذه السيطرة، من خلال تمكين الناس من التعبير عن أنفسهم بحرية وباستقلال عن توجهات الأنظمة والفئات المسيطرة؛ و لو اعتبرنا إنه يشمل كل وسيلة تعبير حر، يستخدمها فرد أو مجموعة من الأفراد، لطرح رسالة ما، تخصه أو تخصهم، على الرأي العام؛ لوجدنا أن محاولات ومبادرات الإعلام الحر لم تتوقف ولا للحظة واحدة من لحظات التاريخ؛ ففي اللحظة التي كان ينقش فيها الفراعين التاريخ -من وجهة نظرهم- على أعمدة المعابد والمسلات، إستطاع الفلاح الفصيح أن يطرح رؤيته الخاصة من خلال رسائله.


ولكن إذا ركزنا على العشر سنوات الماضية في مصر، لوجدنا أن موجات صعود وهبوط هذا النوع من الإعلام ارتبطت بخطوات الحركات المعارضة الأشمل. فلقد نشأ هذا النوع من الإعلام على أساس وفي كنف أزمات عصر مبارك والتشققات التي طالت سلطته وهيمنته الكاملة. وأخد مسارات متعددة، كان واحدا منها عضويا بامتياز بمعنى كسر احتكار الصوت، هو تليفزيون الحارة، الذي ظهر في المجتمعات المغلقة والعشوائية. كما بدأ مسارا آخر في ظل توازنات النظام القديم، داخل مؤسسات أنشأها رجال أعمال كبار مثل قناة دريم الفضائية وجريدة المصري اليوم ثم قناة أون تي في وجريدة الشروق، حيث لم تفرض الحركة المعارضة بصخبها على وسائل الإعلام تلك، تغطية فاعلياتها فقط، بل تمكنت أيضا من نقل خطابها عبرها، عن طريق رموزها الذين تحولوا بالتدريج لمصادر وضيوف دائمين لهذه المنصات الإعلامية.


وباشتداد الحركة، وظهور مسار أكثر جذرية للإعلام الحر، هو المدونات وتوابعها، اعتمدت المؤسسات الصحفية، نتيجة لسوء أوضاعها وعدم كفاءة العاملين فيها، على المدونين، كمراسلين مجانيين، وهو الوضع الذي تقنن مع الوقت، ليتحول هؤلاء المدونين والنشطاء، لصحفيين عاملين داخل هذه المؤسسات، بل وكتاب رأي وقيادات وسيطة بها، قبيل الثورة، التي كرست للمصداقية التي كان قد اكتسبها المدونين و"نشطاء الانترنت" لدى قطاع معتبر من المجتمع، في مقابل الخدمة التي يقدمها الإعلام النظامي الذان كانا قد وصلا لدرجة من الصلف والبؤس تصعب تقبلهما.


كما دفعت الثورة في لحظات انتصارها، كثير من أعدائها، لمحاولة ربط أنفسهم بها بأي طريقة، للمحافظة على مصالحهم المضادة لها، وهكذا ملأ "شباب الثورة الطاهر" الشاشات، ولم يشذ عن هذا الركب غير المؤسسات النظامية الغارقة في العفن. بنظرة جدلية عميقة، سنجد أن "الصوت الحر"، إن جاز التعبير، نجح خلال هذه الفترة في التأثيرعلى أجندة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة وتمكن من نقل خطابه عبرها، وإن كان بالطبع أعاد صياغة هذا الخطاب بما يتناسب مع هذه المنابر، كما أن "المتحكمين في الأمور"، استغلوا الشعبية التي كان يحظى بها أصحاب "الاصوات الحرة"، لتسريب، أو على الأقل، تحييد بعض المفاهيم المعادية.


ولكن الأكيد، أن محاولات الإصلاح من الداخل تلك، كانت طوال الوقت في إطار هامش وسائل الإعلام السائدة، ولم تتمكن من تغيير علاقات القوى داخلها، وكان لها تاريخ صلاحية، يمكن أن نقول أنه انتهى يوم 30 يونيو، عندما قرر المسيطرون على وسائل الإعلام بشقيها العام والخاص، الاقتصار على الأساليب والتقنيات الخطابية والتهييجية الفجة لخلق حالة من القلق والخوف تدعم انحيازاتها ومصالحها السياسية، غالقة الباب أمام كل "صوت حر" يتعارض مع هذه الإنحيازات والمصالح، وبانفصال حتى عن قوى السوق، مثل إيقاف قناة السي بي سي لبرنامج "البرنامج".


لم يقتصر مأزق "الأصوات الحرة" على استبعاد منابر الإعلام السائد لها، بل الأكثر فداحة، أن بعض هذه الأصوات تذيل خطاب أعدائه، والبعض الآخر وجد نفسه في وضع دفاعي، أفقده الفدرة على صياغة سرد مستقل.


إنطلاقا من هذه اللحظة والإشكالية، وبالأخذ في الاعتبار كون حرية التعبير والإعلام ليست فقط القيمة التي تمثل حجر الزاوية بالنسبة لمؤسسة التعبير الرقمي العربي "أضف"، والمتشعبة في جميع أنشطتها، إنما هي أيضا المجال الذي تعمل على تعزيزه وتطويره سواء عن طريق نشاطها المباشر أو عن طريق دعم شبكة، تتسع كل يوم، من الشركاء المصريين والعرب العاملين في هذا المجال، وجدت "أضف" أن هذه اللحظة تحتم عليها القيام بتدخل مدروس يسعى للمشاركة مع أصحاب "الأصوات الحرة"، الذين لا يمتهنون بالضرورة مهن إعلامية، ولكن لديهم محتوى ورسالة يريدون مخاطبة الرأي العام بها، على صياغة سردياتهم المستقلة، وتمكينهم من المهارات والأدوات التي تسهل هذه المهمة، جنبا إلى جنب مع آليات تنظيم العمل الجماعي والتنسيق والتعبئة، إضافة لخلق بيئة لتبادل وتشارك المهارات والممارسات الجيدة، بيئة داعمة على التعبير الحر وخلق المساحات المحررة في ظل احتكار السرد للأنظمة والملاك على حد سواء.


لماذا معسكرات؟

إن تجربة أضِف الطويلة والممتعة في تطوير وتنظيم معسكرات التعبير الرقمي العربي تشير بوضوح إلى أن التجربة المعاشة للمعسكرات هي بيئة تعلّمية مثالية تكسر المسلمات وتتحدى التوقعات. وأن العملية التشاركية المستمرة التي نطور من خلالها الأفكار والمفاهيم ومن ثم الآليات وأدق التفاصيل العملية هي بالفعل تجربة نجاح لا يمكن تجاهلها.


نشأت بذرة فكرة معسكرات التعبير الرقمي كبيئة أخرى للتعلّم، على أثر نقاشات قمنا بها مع أشخاص كثر مشتبكين مع مجتمعاتهم ومهمومين بها ومهتمين بقضايا النشأ والتعلم والتعبير، أجمعوا خلالها على أن بيئة التعلم في مجتمعاتنا هي بيئة مشبوهة وسيئة. بهذه القناعة انتقلنا لمحاولة الإجابة على سؤال: كيف يمكن توفير بيئة أكثر رحابة وإبداع للجيل القادم؟ وهو ما أوصلنا إلى أساسيات رؤيتنا عن التعلم والتعبير.


فالمعسكرات تعتمد على توفير مساحة تكفل حرية الاختيار في ما يريد الفرد أن يتعلّمه، بحيث تُبنى المعرفة فيها بالاستكشاف عندما يجرب بنفسه ويخطئ فيتعلّم، وبالتشاركيّة عندما يتعاون مع الآخرين على اختلافاتهم لتحقيق هدف ما، وبالتعبير الحر والتطوير المستمر.


فإذا انتقلنا بالحديث إلى الإعلام، سنجد أن الحركة المتنامية وتزايد شعبية استخدام الانترنت ووسائل الاعلام الاجتماعي من قبل الناس العاديين للالإبلاغ عن الأحداث، وللحصول على البيانات والمواد الإعلامية، ولتحليل المعلومات وإضافة رأيهم الخاص، شجع تدخلات عديدة، استهدفت في السنوات الأخيرة تمكين المواطنين من استخدام وسائل الإعلام، إلا أن التركيز الغالب لهذه التدخلات كان على تطوير المهارات، والقيم المهنية، والتعريف بالحقوق القانونية، وتطوير أشكال جديدة مثل الصحافة الاستقصائية.


ونتيجة لكون أضف جزء من شبكة أكبر وكونها شريكة لعدد كبير من التجمعات والمبادرات والأفراد في مجال الإعلام، كان تقديرها أن أثر العديد من هذه التدخلات لا يزال محدودا، وخاصة تلك التي يتم تنفيذها تحت مظلة الدولة أو رجال الأعمال من مالكي وسائل الإعلام. وعضض من هذا الاستنتاج كوننا نعيش في مجتمع يمر بعملية تغيير كبرى، حيث تمجيد قيم الحياد في رسالة وسائل الإعلام، لا يزال، إلى حد ما، خادعا.


هذا كله فرض علينا التفكير في الدور الذي يمكن لأضِف أن تلعبه في تطوير بيئة إعلامية تتمتع بالحرية والمصداقية وتسهم في التغيير الإيجابي. نحن نعي جيداً أننا في مرحلة مبكرة لوصف هذا الدور أو التدخّل. والمدخل الوحيد الذي بحوزتنا لاستكشاف هذا الدور هو ما لدينا من معرفة وخبرات حتى الآن وما لدى شبكتنا الواسعة من خبرات ومعارف. وهو ما نرغب بتطويره سويا في بيئة تؤسس لتعلّم سريع وارتباط قوي.


ولذلك كان طبيعيا أن نفكر في استخدام المعسكرات كبيئة وأداة لما لنا من خبرة طويلة في العمل من خلالها، ولإدراكنا للطريقة التي تطرحها في التعلّم والتبادل والتفاعل مع الأفكار. أما بالنسبة لمحتوى المعسكر وتنظيمه وتوجهاته وأسلوب الإدارة والعمل داخله والطرق المطلوب العمل عليها والمعرفة المستفادة فلا يزال ذلك كله قيد التبلور.


ستنطوي عملية بلورة معسكرات الإعلام إذا عن خطوات مشابهة -ولكن بالطبع غير متطابقة فكل الاحتمالات مازالت وستظل مفتوحة- لما نقوم بعمله في معسكرات التعبير الرقمي العربي من وضع للأفكار الأساسية ثم تطويرها إلى طرق ثم مناهج ثم برامج ثم آليات، فتصبح العملية كلها بوتقة للتجريب واكتساب الخبرات بطريقة جماعية.


وصحيح أن معسكرات الإعلام الحر ستمثل جوهر التدخل الذي تنتوي أضف القيام به في هذا المجال، ولكنها لن تكون مساهمتها الوحيدة، فإلى جانب التركيز على الأفراد من خلال المعسكرات، تعى أضف أهمية التركيز على الأدوات والبنى التحتية، وهو ما ستحاول القيام به، في مسار مواز، من خلال رعاية والمشاركة في تنفيذ عده مشاريع تتعلق بدعم مجال الإعلام الحر.


الجمهور المستهدف

أثبتت تجربة العشر سنوات الماضية، أن هناك رسالة معينة تتطور وتتبلور عندما تصاغ بشكل جماعي وتنشر من خلال منصات واسعة الانتشار، وأن هذه العملية تصبح فقط أكثر ثراء عندما تشجع وتلهم آخرين على صياغة آرائهم والتعبير عنها.


ومع الطفرات التي شهدتها وسائل الإعلام الاجتماعي، ازدهرت المبادرات حول هذا النموذج في فضاء الإنترنت، مما أدى لظهور قصص مختلفة عن تلك التي تسردها وسائل الإعلام أحادية الاتجاه، صاغها في الأساس، شباب لا يعرف نفسه بانفصال عن مجتمعه، مدفوع بأهداف ومثل عليا مختلفة، يسعون إلى استخدام الأشكال الصحفية، اعتمادا على مصادر موثوقة بديلة وبالتفاعل مع مجتمعاتهم لحرصهم على إيصال أصواتها، ولكونهم منغرسين فيها، مما ساعدهم على بناء موقف مستقل عن ما يحدث، متحرر من أجندة أي أحد السياسية المحدودة.


لكن نتيجة لطبيعة الثورة المصرية، التي احتل فيها "شاب الثورة" الموقع الذي احتله في بلدان أخرى حركات شعبية كبيرة، ارتبطت نقاط تجسيد هذا النوع من الخطاب بمجموعات غاية في الرجرجة، عرضه للملل والارتباك والاحباط والتوقف.


لا حل أمامنا، إلا محاولة الدفع من حيث نقف فعلا، من هنا والآن، واعيين بنقاط قوتنا وضعفنا؛ نبحث عن بذور الإعلام الحر ونحاول مساعدتهم في استكمال مهمتهم عن طريق تطوير مهارات التنسيق والتنظيم واتخاذ القرار لديهم وطرح نماذج للتمويل لا تعتمد على بيع المنتج والإعلانات كضامن أساسي للاستمرار ، كما نحاول مساعدتهم في تحسين ما يقدمونه وفي تعظيم صوتهم عن طريق تمكينهم من أدواتهم وتطوير مهاراتهم، مع التركيز على المجموعات الأكثر ثباتا، والأكثر قدرة على قلب الموازين، في عملية تتطور باستمرار، تخلق على المدى الطويل تيار أو "مدرسة" يتبناها موقع وراء موقع وجيل وراء جيل.


طالع أيضا:


خطوات المشروع



طالع أيضا:

مجالات التدريب الرئيسية والفرعية في معسكرات الإعلام الحر

الهيكل الأساسي للجدول اليومي لمعسكرات الإعلام الحر

الهيكل الأساسي لجدول معسكر الإعلام الحر العام


  • تطوير المناهج

في مجال شديد الديناميكية يجب أن تكون عملية تطوير المناهج قادرة على الوفاء بالمتطلبات المتغيرة للفئات المستهدفة للمشاركة في المعسكرات، وهو ما يتطلب أن تكون عملية مستمرة، تأخذ في اعتبارها النتائج المستخلصة من التجارب الأسبق والتغييرات التي تطرأ على المناخ العام وتطورات التكنولوجيا وأدواتها. وهو ما يعني انها عملية ستتكرر مع التحضير لكل معسكر.

يقوم مطور كل منهج باختيار شخص أو شخصين على الأكثر، بمعرفته أو من خلال دعوة عامة تطلقها أضف للتقدم للتدريب في المعسكر، لبقوموا بمساعدته في في التدريب خلال المعسكر.


يتم الاختيار النهائي للمدربين المساعدين في ورشة تطوير المناهج، كما يتم تدريب هؤلاء المدربين في ورشة تدريب المدربين، التي يشارك فيها كل فريق المعسكر. طالع أيضا:

مطوري مناهج معسكرات الإعلام الحر

محددات تطوير مناهج معسكرات الإعلام الحر


  • كل عام، وفقا لبرنامج تطوير المناهج، سيتم إشراك عدد من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة، في مجالات الراديو والفيديو، والتصوير الصحفي، وتصميم المطبوعات والمواقع، فضلا عن الكتابة الصحفية، والكاريكاتير و سائل الاعلام الاجتماعي... إضافة إلى التدريب على الأدوات (مفتوحة المصدر) وأساليب التعبير الحر، في أسبوع لتتدريب المدربين يسبق تنفيذ كل معسكر الذي يشارك فيه أيضا فريق المعسكر الإداري ومدربين للرياضة والفنون.


  • سيقوم المدربين بتدريب الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-35 القادمين من مجتمعاتهم المحلية، على نفس البرنامج لمدة 9 أيام تحت إشراف وتوجيه من منظمي البرنامج. هذه المدة هي ببساطة معسكر الإعلام الحر، الذي ستتطبق خلاله عددا واسعا ومتنوعا من الورشات التدريبية التي تستهدف تمكين المشاركين الشباب من تطوير مهاراتهم وأدواتهم الرئيسية، وتشجيعهم على الإنتاج والنشر والتوزيع، وبناء قدراتهم، وسيتم تنظيمه مرة سنويا بواسطة 25 مدربا وعضوا من أعضاء فريق المعسكر الإداري، ويشارك في كل مرة 48 شابا، الذين سيعودون لمسقط رأسهم ليستكملوا التواصل مع المرشدين ولينتجوا المزيد من المواد الصحفية.

يمكن دراسة تنفيذ المعسكر مرة أخرى على مصغر مستهدفا الطلبة في عطلة نصف العام.


  • سيؤدي هذا المشروع لتكوين منصة للشباب العربي نشطةوإيجابية، تكون متاحة للجميعل لمشاهدة أو للمشاركة وفي تبادل المعلومات والمواد الصحفية.


  • سوف تتكرر معسكرات الإعلام البديل مرة كل عام لضمان الاستمرارية.


  • يستهدف الناشطين الشباب من مناطق جغرافية مختلفة في الدول العربية.